لحظة بلحظة

إصابة عشرات الفلسطينيين بمواجهات مع القوات الإسرائيلية في نابلس


المشروع، بالنسبة لباسيل «أهم من اسم الرئيس، لأن الرئيس من دون مشروع يفشل. لا يمكن أن نقول نريد الإصلاح ونأتي برئيس منغمس بالفساد، وليس لديه مشروع أو تطلعات، ولا حتى برنامج. وأكثرية المرشحين اليوم والمتقدمين لموقع الرئاسة لا نعرف شيئًا عن رأيهم الاقتصادي، ولا يملكون أي تصور إصلاحي أو مفهوم قانوني لإعادة تركيب الدولة». ويرفض باسيل «الاستسلام» لفكرة وجود استحالة للإصلاح في لبنان، ويقول: «في ظل التهدئة في المنطقة هذا الأمر يساعدنا على إيقاف سياسة التحديات والخوف من الآخر، وهناك دائما فرصة للإصلاح».

ومقابل التواصل مع فريق «المواجهة»، يؤكد باسيل أن التواصل مع فريق «الممانعة» ليس مقطوعاً. لكنه يرى أن «المهم أن يكون هذا التواصل بهدف الوصول إلى نتيجة، وليس تمسك كل طرف بموقفه». وقال: «هم يعتبرون أنهم يريدون الاتفاق ويقولون نحن لدينا مرشحنا، قدموا مرشحكم. هذا حقهم ولكن واجبهم إن حصل هذا الشيء أن يتعاطوا معه بإيجابية وليس بسلبية. ونحن واجبنا أن نتعاطى معهم ومع غيرهم بإيجابية أيضاً وليس بسلبية، ونؤكد أننا لدينا الرغبة والقدرة والثقة وما يكفي من عناصر لنستطيع القيام بهذا الأمر».

 

«حزب الله» والطلاق الوطني

باسيل في أحد لقاءاته مع وفد من «حزب الله» (الشرق الأوسط)

ورغم مآخذه التي يرددها حول أداء «حزب الله»، يرفض باسيل التسليم بوجود «طلاق» معه. ويقول: «نحن لا نستطيع أن يطلق بعضنا بعضاً وطنياً، لأن كل عملية طلاق تنعكس بشكل سلبي على البلد. هناك خلاف كبير ويترجم بأن لكل طرف مرشحه الرئاسي، ولاحقاً إن التقينا بالمشروع، فنحن نلتقي من جديد. لا شيء بمعنى الكسر مقتنعون اليوم أنه مفيد، لا معهم ولا مع غيرهم».

ويرى باسيل ضرورة تطوير الدستور. ويقول: «نحن مع الطائف ومتمسكون به، ولكن هذا لا يمنع تطويره، بتنفيذه أولا من ضمن آليته ومن دون إخلال بتوازنات البلد وبالمبادئ الأساسية المكونة له، وبإزالة أدوات التعطيل من دون زيادة صلاحيات طرف أو إنقاص صلاحيات طرف آخر وعدم الاعتداء على مكون أو على طائفة، وحل أمور إجرائية يومية، تبرهن على أن الدستور يطور نفسه، وأن له الفاعلية اللازمة، مثل اللامركزية ومجلس الشيوخ والدولة المدنية».

 

أي دور للبنان وسط التغيرات بالمنطقة والعالم؟

ويرى باسيل ضرورة ملحة لـ«الخروج من المعادلة السلبية، التي تقول لا للغرب ولا للشرق، وتحويلها إلى معادلة إيجابية نعم للشرق ونعم للغرب. وهذا يدل على طبيعة لبنان وموقعه الجغرافي والدور الذي يجب عليه أن يلعبه، من دون أن يتخلى لبنان عن ثوابته الأساسية التي تحميه وتحفظه بوصفه كيانا». ويشدد على ضرورة «الحفاظ على خصوصيته التي ترتكز على التنوع والاعتراف بالآخر، والشراكة الكاملة بالحكم». فهذه الخصوصيات «هي التي تعطيه مناعة داخلية؛ حيث لا سيطرة من فريق على آخر، ولا استئثار ولا تهميش، وهذا اللبنان بنعم للشرق والغرب، يعيش متآلفا مع محيطه، أولا بالمشرقية الاقتصادية مع سوريا والأردن والعراق. وثانيا بالتكامل بمميزات اقتصادنا مع الخليج العربي، ونستطيع في الوقت عينه أن نكون في علاقة جيدة بإيران وتركيا ومصر، وأن تكون عامل جذب وعامل خير، وليس دائما عامل صراع».

ويرى باسيل أن «الفرصة السانحة اليوم هي هذه السياسة الثورية بالمعنى الإنمائي والاقتصادي التي يقودها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في المنطقة». ويلاحظ أن «كل الشباب معه في بلده». ويتابع: «أنا ماذا أريد أكثر من نفحة الأمل والحداثة والعصرنة لأقول إن هذا ما أريده للبنان، هذا دوره؟ اليوم المنطقة سبقتنا، وعلينا اللحاق بركبها».

ويضيف: «الانفتاح على العالم العربي ضروري، ومراجعة الأخطاء التي وقعنا بها حيال العرب عموما كذلك. إن المملكة العربية السعودية تنظر إلى الوضع من زاوية خاصة. السفير (وليد) بخاري كان واضحا في كلامه أن المملكة لا تضع فيتو على أحد، فهل فهموا كلامه على حقيقته؟ النظرة التي يتعاملون بها مع الاهتمام العربي ضيقة. العرب يتابعون الوضع اللبناني، فإذا كان يسير على الطريق الصحيح يساندوننا، أما إذا كررنا الأخطاء فسيبتعدون عنا. هل هذا مناسب؟». ويقول: «نحن عشنا هذه التجربة مع العماد عون، وقام بزيارته الأولى عندما انتخب رئيسا إلى السعودية قبل فرنسا وقبل الفاتيكان. بالعكس أتت النتائج سلبية. من هنا أنا أتعلم من هذه التجربة وأقاربها بطريقة مختلفة ولا أكررها».

 

أي لبنان نريد، هانوي أو هونغ كونغ؟

يرى باسيل أن «لبنان قادر على أن يكون مزيجا بين نموذجي هانوي (الثوري) وهونغ كونغ (الاقتصادي). بمعنى المقاومة والإنتاجية». ويقول: «يمكن أن يكون هانوي، وأن أذهب إلى هونغ كونغ ولكن مع الحفاظ على الديمقراطية وعناصر القوة التي تحمي، وبعدها تقول أريد أن أصبح على نموذج كونغ مع إنتاجية وعدالة اجتماعية. عليك أن تكون مرناً وتتعاطى مع المراحل كما تقتضي مصلحة بلدك. منسوب هونغ كونغ في المعادلة عليه أن يزيد لكون المقاومة تنتصر ويجب التوجه إلى مزيد من الإنماء وزيادة منسوبه على حساب السلاح».

 

التحالفات الصعبة والتجارب المرة

صورة مركبة وزعها إعلام «حزب الله» للقاء نصر الله وباسيل (يمين) وفرنجية سبتمبر (أيلول) الماضي

وعن التجربة المرة خلال عهد الرئيس عون إذ لم تتركوا صاحبا لكم، ولم يترككم أحد لتقوموا بإنجاز؟ يقول باسيل: «مهما حصل نحن لسنا حاقدين، لأن الحقد يقتل صاحبه ويقتل البلد، والبرهان أننا قلنا إننا سامحنا سليمان فرنجية رغم كل ما قام به تجاهنا خلال الست سنوات، لكن هذا الأمر لا يجعلنا نؤيده بصفته صاحب مشروع لا نرى فيه الخلاص. والأمر نفسه في المقلب الثاني مع القوات اللبنانية، نحن نعتبر أنهم طعنونا، ولكن بالنظر إلى المستقبل نسامح، ونقول نحن ملزمون، بعضنا ببعض. ومع توسيع قدرة التفاهم أكثر ينعكس هذا الأمر على مجتمعنا. والأمر نفسه بالنسبة للمكونات الأخرى وليس فقط للمسيحيين».

أما فيما يخص «حزب الله»، فيقول باسيل: «نحن اليوم مجروحون كثيراً من (حزب الله) والجرح عميق لكن في النهاية نحن نعيش معا، ونريد أن يفهم بعضنا بعضاً ونجد حلولا. وعندما أنظر اليوم إلى المقابل، المكون الشيعي يشعر بالقوة، وأنا أريده أن يكون قوياً وليس ضعيفاً. ولكن لا أريد أن يشعر بالمقابل مكون آخر وهو المكون السني بالضعف. مصلحتنا أن نؤمن هذا التوازن داخل المجتمع المسيحي والمجتمع المسلم وبين المسلمين والمسحيين، لأن لبنان عندما يفقد هذه التوازنات الداخلية يخرب».

ويشدد باسيل في المقابل على «ضرورة أن يصبح السعي للتوازن وسيلة للتعطيل، لتعطيل النظام لنفسه. إنما يجب أن يبقى التوازن عنوانا للعيش معا. هناك أمور استراتيجية يجب التوافق عليها، وهناك أمور أخرى نقبل فيها بمنطق أقلية وأكثرية في مجلس وزراء أو بمعارضة وموالاة».

 

سوريا

في ملف عودة سوريا إلى الجامعة العربية، يبدو باسيل مرتاحاً، ويقول: «نحن نفرح اليوم لعودة سوريا إلى الجامعة العربية لأن هذا انتصار، وانتصار سوريا على الإرهاب هو انتصار للبنان. لو خسرت أمام الإرهاب خسر لبنان. كل هذه الخيارات هي خيارات ربح. وفوق كل ذلك أتت المملكة العربية السعودية لتحضنها وتردها إلى الجامعة. هذه هي الفرصة المضاعفة، هي بمثابة ربح على ربح. في ملف النازحين على سبيل المثال، من المؤكد أن ما يحصل في المنطقة يساعد في عودة النازحين، ولكن هذا الأمر يحتاج إلى قرار من الدولة اللبنانية، فهي لا تستطيع أن تكمل بالسياسة نفسها، وعليها أن تستفيد. حل هذه المشكلات يمر حكما بإعادة الإعمار في سوريا، بعودة النازحين، وعلينا أن نكون جزءاً منها وليس مجرد متفرج أو متلقٍ. نحن جزء من صياغتها، من خلال اعتماد سياسة وطنية تلقى هذا التفاهم الإقليمي. وبعكس الأردن وتركيا اللذين فرضا طلباتهما بملف النازحين، فإن غياب الدولة اللبنانية أدى إلى غياب القرار؛ من هنا الحاجة الأكبر لرئيس حكومة ولحكومة تأخذ القرار وتغير السياسات المعتمدة».

ويرى أن «عودة النازحين يمكن أن تتم من خلال التوقف عن تمويل بقائهم، أو تمويل عودتهم، وأن تقمع الدولة المخالفين للقانون». ويؤكد أن «أوروبا تقوم بالسياسة التي تناسبها، لكن لا يمكن القبول بحل مشكلتها على حسابنا».

 

«الظلم الأميركي»

العقوبات الأميركية التي فرضت على باسيل «ظالمة»، كما يردد دائماً وهو «أمر يجب أن يصحح». ويقول: «لا أعرف هل أدرك الأميركيون إلى أي مدى أضرت سياسة العقوبات بهم، خسروا أناساً كان من الممكن أن يكونوا أصدقاء. وضعوا مجموعات ودولا خارج نظامهم المالي».

عون وباسيل (الثاني والثالث من اليسار) يشاركان في قداس خلال زيارتهما جزين قبل أشهر (تويتر)

يرى باسيل أن «سياسة العقوبات إجمالا لم تأت بالنتائج المتوخاة منها أميركيا. على سبيل المثال قسم كبير من الشيعة في لبنان ولأنه تم تهديدهم بالعقوبات أخرجوا أموالهم من النظام المصرفي في لبنان، وحموا أموالهم بهذه الطريقة (بعدما حجزت المصارف أموال المودعين). والدول التي فرضوا عليها عقوبات ولا سيما بعد أزمة أوكرانيا، أجبروها على التفتيش عن نظام بديل عن النظام المصرفي الأميركي». ويشير باسيل إلى أن «إدارة (الرئيس السابق باراك أوباما) قامت بمراجعة جدية لموضوع العقوبات»، مستذكرا كيف تعاطت مع إيران في الاتفاق النووي ومع العراق ومع كوبا.

ويقول: «لا أحد يستطيع أن يفرض علينا أن نختلف مع (حزب الله)، نحن نختلف معه عندما نرى أن مصلحة لبنان تقتضي هذا الأمر. عندما فرضوا علينا لم نقبل، ولكن عندما حصلت أمور تقتضي أن نختلف اختلفنا مع (حزب الله)».

ورداً على سؤال عن أن الأميركيين لم يحاسبوه على علاقته بـ«حزب الله» إنما على تهم فساد، يقول باسيل: «الجميع يعرف أن تهم الفساد غير حقيقية، تحديناهم، ولم يثبتوا شيئا. كل الإجراءات التي نقوم بها لنثبت أن ليس هناك شيء يبرر العقوبات».



المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى