مسلسل رسالة الإمام الشافعي: لماذا أثار جدلا في مصر واتهم بتضمنه “أخطاء تاريخية”؟
أثار بدء عرض عدة مسلسلات رمضانية حالة من الجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي في مصر وفي عدد من الدول العربية.
ومن بينها مسلسل “رسالة الإمام” الدرامي التاريخي، الذي يتناول السنوات الأخيرة من حياة الإمام محمد بن إدريس الشافعي، أحد أشهر علماء الفقه والتفسير، والتي قضاها في مصر.
فقد طالته انتقادات حادة بعد عرض أولى حلقاته، لما تضمن من معلومات “خاطئة وغير صحيحة” عن حياة الإمام الشافعي، على حد قول متابعين.
“أخطاء تاريخية”
ركز كثير من المغردين من منتقدي المسلسل على “أخطاء تاريخية” قالوا إنهم رصدوها فيه ووصفها كثيرون منهم بأنها “كارثية”.
فقال أشرف حسن، المحاضر والباحث في اللغة العربية في جامعة بيرن بألمانيا، في سلسلة تغريدات: “في مسلسل رسالة الإمام نرى حوارا في قصر الخليفة العباسي، الذي يفترض أن يكون المأمون، مع الإمام الشافعي سنة 198 هـ، ويتكلمان فيه عن “خلق القرآن””.
ويضيف: “حقيقة 1: الخليفة المأمون دخل بغداد سنة 204 هـ، رغم توليه الخلافة سنة 198. حقيقة 2: الخليفة المأمون اعتنق القول بـ”خلق القرآن” سنة 212 هـ، وبعدها بدأ ما عرف بـ”فتنة خلق القرآن” أو “المحنة. حقيقة 3: الإمام الشافعي توفي سنة 204 هـ في مصر، والإمام الشافعي لم يقابل المأمون”.
بينما قارن آخرون بين مسلسل الإمام الشافعي ومسلسل الإمام أحمد بن حنبل، الذي رأوا أنه خرج بصورة فنية أفضل.
فقالت برآءة: “ليت صناع مسلسل رسالة الإمام الشافعي يطلعون على مسلسل الإمام أحمد بن حنبل، فيخجلوا ويعرفوا قدرهم”.
كما انتقد فريق من الغردين مزج شخصيات العمل في حديثها بين اللهجتين، الفصحى والعامية، ورأوا أن ذلك لا يتناسب مع مسلسل تدور أحداثه في العصر العباسي.
لغة المصريين في زمن الإمام الشافعي
وردا على سؤال عن لغة المصريين في زمن الإمام الشافعي، وتحديدا لهجة الإمام البويطي صاحب الشافعي، قال الكاتب والمتخصص في التاريخ القديم، محمود سالم الجندي: “كان في مصر مجموعتين من اللغات لا ثالث لهما ليس من بينها ما يعرف اليوم (باللهجة أو العامية المصرية)”.
وأضاف: “المجموعة الأولى هي اللغة العربية الصرفة أو ما يطلق عليها “العربية الفصحى” وكانت منتشرة في المناطق التي سكنتها القبائل العربية بعد الفتح، مثل بلبيس وغيرها من مدن وقري الدلتا، وكذا بعض المناطق في الصعيد، وأهمها الفسطاط حاضرة القطر المصري وأخواتها. وفي هذه المناطق تكلم الناس كما قلنا بلغة القرآن وبشكل أصيل دون شوائب”.
وتابع الجندي: “وأما المجموعة الثانية من اللغات فهي اليونانية واللاتينية، لغات الدول السابقة على الفتح والتي انتشرت في المدن الإغريقية في مصر مثل الإسكندرية في الشمال وبطلمية في الجنوب. وكانت لغة الأقباط والتي مزجوها ببعض المفردات المصرية القديمة. ثم بقايا لغات ولهجات مصرية قديمة كان يتكلم بها المصريون والذين عاشوا في قري ونجوع وأقاليم مصر بعيدا عن مدن الأقباط النصارى ومدن العرب المسلمين”.
وبالحديث عن اللهجة العامية قال محمود: “أما اللهجة أو العامية المصرية فلم تبدأ في الظهور والانتشار إلا بعد فترة طويلة من الفتح الإسلامي لمصر، خاصة مع انتشار الإسلام فيها عام 400 هجريا، ونحن هنا نتحدث عن بعد الفتح بأقل من 180 عام فقط. وبعد قيام الدولة العباسية بأقل من 90 سنة فقط. لم يكن قد وصل بعد إلى مصر الأعاجم من المسلمين سواء الأتراك أو الأكراد أو غيرهم بلغتهم العربية المكسرة والتي كانت بالاندماج مع لهجات السكان في مصر من أهم عوامل ظهور اللهجة أو العامية المصرية”.
وأضاف: “واستمر الناس في مصر لا يتكلمون إلا الفصحى أو اليونانية واللاتينية أو بقايا لغات ولهجات مصرية قديمة لما بعد موت الإمام الشافعي، حتى أن المأمون لما جاء إلى مصر، من أشهر ما يروي عنه أنه كان يمشي في الأسواق بصحبته المترجمين وكذا كان يستقبل الأعيان ومعه أكثر من مترجم”.
وختم بالقول: “والإمام البويطي صاحب الشافعي كان يتكلم العربية الفصحى، فهو من قبيلة قرشية استقرت في صعيد مصر وأهم مناطقها بويط التي ولد فيها الإمام أبو يعقوب يوسف بن يحيي القرشي فلقب بها فيقال البويطي”.
مدافعون عن المسلسل
ومن جهة ثانية، دافع مغردون عن المسلسل، وأعربوا عن “إعجابهم بعودة المسلسلات التاريخية والدينية مرة أخرى بعد توقف دام سنوات”.
فقال حسن: “مسلسل جميل في أولى حلقاته، يعود بالأذهان لجمال المسلسلات التاريخية و قيمتها العظيمة الهادفة”.
بينما أشاد آخرون بالصورة التي خرج بها العمل الفني ورأوا أن “المسلسل يستحق المشاهدة. جاء بعد غياب كبير عن إنتاج الأعمال الدرامية الدينية والتاريخية في رمضان .. إتقان مبهر للغة العربية الفصحى .. تمثيل راقي إخراج واعي ومتقن. صورة بصرية مبهرة. عمل فني متكامل”.
أقوال الإمام الشافعي
وقد تناقل مغردون أقوالا منسوبة للإمام الشافعي كما جاءت في سرد أحداث القصة.
ومن بينهم الفنان خالد النبوي، الذي أدى دور الإمام الشافعي في المسلسل، والذي قال في تغريدة عبر حسابه الرسمي: “يا آل بيت رسول الله حبكم، فرض من الله في القرآن أنزله، يكفيكم من عظيم الفخر أنكم، من لم يصل عليكم لا صلاة له. محمد بن إدريس الشافعي”.
وفي المقابل، انتقد فريق آخر ما يتم تناقله عبر مواقع التواصل الاجتماعي من أقوال منسوبة للإمام الشافعي في المسلسل، وأعربوا عن خشيتهم من أن يخلط مشاهدوه بين الأقوال الصحيحة وبين عبارات من الحوار الدرامي لا تمت للإمام الشافعي بصلة.
ويذكر أن مسلسل “رسالة الإمام” كان يحمل اسم “الإمام الشافعي”، وتم استبداله وتغييره إلى “رسالة الإمام” حسب طلب الأزهر.
والمسلسل من بطولة خالد النبوي، وأروى جودة، ونضال الشافعي، وحمزة العيلي، وخالد أنور، وأحمد الرافعي، وسلمى أبوضيف، وخالد القيش، وفرح بسيسو، ومحمد العمروسي، ومن تأليف محمد هشام عبية، وإخراج ليث حجو.